Admin Admin
عدد المساهمات : 98 تاريخ التسجيل : 07/06/2009
| موضوع: مقالة للشيخ محمد الغزالي الخميس يونيو 18, 2009 12:30 pm | |
| هل نواجه هذه الحقائق ....
يُخطىء من يظن أن الدعوة الى الله عظة منبر حارة الأنفاس أو باردتها ، إن هذه العظات جليلة القدر عندنا تذكرنا بالله و تدفعنا الى مرضاته و تصدنا عن سخطه ولكنها بعض أساليب التعليم و التربية ، ولا تمثل الا جزءا يسيرا من النشاط الإسلامى الرحب .
ان الدعوة تعنى عرض الإسلام كله ، وشرح كتاب جعله الله تبيانا لكل شىء وتقريب نبوة جعلها الله ريادة الى ميادين الكمال الإنسانى كله .
ومن هنا فلابد أن يكون الداعى مستكمل الزاد من جميع العلوم الشرعية و الإنسانية و الأدبية حتى يقدر على تحمل هذا العبء و إجتياز الدروب الشاقة به .
فالمسلمون فى هذا العصر يواجهون حقيقتين مرتين ..
الأولى أن خلافتهم غاربة ووحدتهم الكبرى معتلة ، و شرائعهم معطلة و إخوتهم العامة منكرة ، ومنابعهم الفكرية كدرة ، وأخطاءهم القديمة باقية و أمانيهم فى المستقبل مشوشة ، و القوة التى هزمتهم من الخارج لا تزال مكشرة الأنياب ، والجراثيم التى هدتهم من الداخل لا تزال تسرح فى كيانهم دون وجل .
ما أشبههم بشركة تجارية أفلست تحت وطأة فوضى إدارية ، ومنافسات أجنبية فلما أرادت تجديد ذاتها و استئناف نشاطها أتت بجهاز يريد استحياء ذات الأساليب الأولى
وتجديد نفس الظروف القديمة
أريد أن أسائل كل غيور : لماذا لا ندرس أخطائنا ببصيرة و أناة و شجاعة .
لقد وصف الله الحق بخصائصه العظيمة عندما قال { فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ }
ان الحق يرفع أصحابه و ينفع الإنسانية كلها و بالحق ساد سلفنا و أنشأوا حضارة أجدت على العالم و استظل بها الأعداء و الخصوم .
فما الذى فقدناه نحن من عناصر هذا الحق الغالى فى مجالات الخلق و الحكم و العلم و الحضارة و القانون ، حتى هبطنا من الأوج الى القاع ؟
ألا ندرس بتواضع و اخلاص ما عرانا حتى نحسن الخلاص من عللنا ؟
يؤسفنى القول أنا نتعمد اهمال هذه الدراسة ، ونحاول الإستشفاء من أدوائنا بأدواء أخرى ، و عندما ألقى نظرة سريعة على رجال الدعوة وما يشغلهم من قضايا أشعر بالأسى .
أما الحقيقة الأخرى التى تواجه المسلمين المعاصرين ، فهى فى العالم الكبير الذى يبدأ مباشرة وراء دار الإسلام .
ان هذا العالم أضحى أشد منا قوة و أعز نفرا ، حتى عبيد الأصنام فجروا الذرة ومازلنا نحن نفكر ونؤمل ! ... لماذا لا نعرف هذا العالم معرفة دقيقة صحيحة ، ان هناك نشاطا بشريا موارا يدور فى جوانبه ، أعنى أن نشاطه يتناول الخصائص العليا و الغرائز الدنيا فى الإنسان العقل يفكر بقوة والشهوة تنطلق بحدة ، و الموازنة بينهما متروكة للفرد و المجتمع .
ويبدوا أن التقدم العلمى والصناعى يتابع تطوره دون أى عائق ، كما أن التراتيب الإدارية فى كل أفق يسودها نظام صارم .
ومن عرام النزوات الفردية و المظالم العرقية ، فإن كافة الأنسانية الأرقى لا تزال أرجح .
بيد أن ذلك لا يحمل صفة الدوام ، فقد تنتحر هذه الحضارة بسبب هذه التناقضات التى تنتشر فيها ، أو بسبب تنكرها لله رب العالمين و رفضها الإعتراف به و الإستعداد للقائه .
على أن تناحر الأقوياء لا يجدى الضعاف اذا بقوا صرعى عللهم ، و على المسلمين أن يستشفوا أولا مما نزل بهم ، و أن يحسنوا الإفادة من أثار الفطرة السليمة فى كل شبر من أرض الله ليمكن أن يرثوا الارض .
إن أمامنا ـــ نحن الدعاة المسلمون ـــ مصدرين للمتاعب يجب التغلب عليها .
الأول : أسباب الهبوط الموروثة من تقاليد فكرية و إجتماعية و سياسية تتبخر عندما تعرض على كتاب الله و سنة رسوله .
و الثانى : أمواج الغزو الثقافى التى انتهزت فرصة انحلال الشخصية الإسلامية و حاولت جعل الهزيمة العسكرية إرتدادا عاما فى الإسلام .
الحق أن المقاومة الإسلامية صمدت بنجاح بل أنها استعادت بعض المراكز التى فقدتها ، وهى ماضية الى غايتها بعزم شديد .
لكن الهجوم متتابع و دواعى القلق تزيد ولا تنقص ، و أمر لا يغنى فيه كفاح فرد ومنذ أربعة سنين أنعقد فى المدينة المنورة مؤتمر عالمى لتوجيه الدعوة وإعداد الدعاه تمت فيه مقررات حسنة ، و السؤال الآن : هل انتهت مشكلات الدعوة و الدعاه ، و أستغنى المسلمون عن عقد مؤتمر آخر ؟
الواقع أن الحال تتطلب مزيدا من الدراسات ، و مزيدا من المقررات التى تجد طريقها الى النور ... و المهم أن تصدق فى تشخيص عللنا ، و تتابع جذورها فى الماضى القريب و البعيد .
إن أحدا غيرنا لن يدفع ثمن المغالطة والخداع ، إننا وحدنا المسئولون .
تلك المخطوطة للشيخ محمد الغزالى رحمه الله من كتاب علل وأدوية ، أسأل الله أن يخلف علينا رجلا مثله يجدد مجد الإسلام و فهمه
NOUR نور
| |
|